الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.جَوَازُ الْأَخْذِ فِي الْأَحْكَامِ بِالْقَرَائِنِ: وَمِنْهَا: جَوَازُ نَسْخِ الْأَمْرِ قَبْلَ فِعْلِهِ فَإِنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُمْ بِكَسْرِ الْقُدُورِ ثُمّ نَسَخَهُ عَنْهُمْ بِالْأَمْرِ بِغَسْلِهَا. وَمِنْهَا: أَنّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَا يَطْهُرُ بِالذّكَاةِ لَا جِلْدُهُ وَلَا لَحْمُهُ وَأَنّ ذَبِيحَتَهُ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ وَأَنّ الذّكَاةَ إنّمَا تَعْمَلُ فِي مَأْكُولِ اللّحْمِ..الْغُلُولُ قَبْلَ الْقَسْمِ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ كَانَ دُونَ الْحَقّ: وَمِنْهَا: أَنّ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا قَبْلَ قِسْمَتِهَا لَمْ يَمْلِكْهُ وَإِنْ كَانَ دُونَ حَقّهِ وَأَنّهُ إنّمَا يَمْلِكُهُ بِالْقِسْمَةِ وَلِهَذَا قَالَ فِي صَاحِبِ الشّمْلَةِ الّتِي غَلّهَا: إنّهَا تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا وَقَالَ لِصَاحِبِ الشّرَاكِ الّذِي غَلّهُ شِرَاكٌ مِنْ نَار أَرْضِ الْعَنْوَةِ بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَتَرْكِهَا وَقَسْمِ بَعْضِهَا وَتَرْكِ بَعْضِهَا..اسْتِحْبَابُ التّفَاؤُلِ: وَمِنْهَا: جَوَازُ التّفَاؤُلِ بَلْ اسْتِحْبَابُهُ بِمَا يَرَاهُ أَوْ يَسْمَعُهُ مِمّا هُوَ مِنْ أَسْبَابِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَإِعْلَامِهِ كَمَا تَفَاءَلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرُؤْيَةِ الْمَسَاحِي وَالْفُؤُوسِ وَالْمَكَاتِلِ مَعَ أَهْلِ خَيْبَرَ فَإِنّ ذَلِكَ فَأْلٌ فِي خَرَابِهَا..جَوَازُ إجْلَاءِ أَهْلِ الذّمّةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُمْ: وَمِنْهَا: جَوَازُ إجْلَاءِ أَهْلِ الذّمّةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نُقِرّكُمْ مَا أَقَرّكُمْ اللّه وَقَالَ لِكَبِيرِهِمْ كَيْفَ بِكَ إذَا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشّامِ يَوْمًا ثُمّ يَوْمًا وَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطّبَرِيّ وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيّ يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ فِيهِ الْمَصْلَحَةَ. وَلَا يُقَالُ أَهْلُ خَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ ذِمّةٌ بَلْ كَانُوا أَهْلَ هُدْنَةٍ فَهَذَا كَلَامٌ لَا حَاصِلَ تَحْتَهُ فَإِنّهُمْ كَانُوا أَهْلَ ذِمّةٍ قَدْ أَمِنُوا بِهَا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ أَمَانًا مُسْتَمِرّا نَعَمْ لَمْ تَكُنْ الْجِزْيَةُ قَدْ شُرِعَتْ وَنَزَلَ فَرْضُهَا وَكَانُوا أَهْلَ ذِمّةٍ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ فَلَمّا نَزَلَ فَرْضُ الْجِزْيَةِ اُسْتُؤْنِفَ ضَرْبُهَا عَلَى مَنْ يُعْقَدُ لَهُ الذّمّةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ فَلَمْ يَكُنْ عَدَمُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَيْسُوا أَهْلَ ذِمّةٍ بَلْ لِأَنّهَا لَمْ تَكُنْ نَزَلَ فَرْضُهَا بَعْدُ. وَأَمّا كَوْنُ الْعَقْدِ غَيْرَ مُؤَبّدٍ فَذَاكَ لِمُدّةِ إقْرَارِهِمْ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ لَا لِمُدّةِ حَقْنِ دِمَائِهِمْ ثُمّ يَسْتَبِيحُهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ فَلِهَذَا قَالَ نُقِرّكُمْ مَا أَقَرّكُمْ اللّهُ أَوْ مَا شِئْنَا وَلَمْ يَقُلْ نَحْقِنُ دِمَاءَكُمْ مَا شِئْنَا وَهَكَذَا كَانَ عَقْدُ الذّمّةِ لِقُرَيْظَةَ وَالنّضِيرِ عَقْدًا مَشْرُوطًا بِأَنْ لَا يُحَارِبُوهُ وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ وَمَتَى فَعَلُوا فَلَا ذِمّةَ لَهُمْ وَكَانُوا أَهْلَ ذِمّةٍ بِلَا جِزْيَةٍ إذْ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ فَرْضُهَا إذْ ذَاكَ وَاسْتَبَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَبْيَ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيّهِمْ وَجَعَلَ نَقْضَ الْعَهْدِ سَارِيًا فِي حَقّ النّسَاءِ وَالذّرّيّةِ وَجَعَلَ حُكْمَ السّاكِتِ وَالْمُقِرّ حُكْمَ النّاقِضِ وَالْمُحَارِبِ وَهَذَا مُوجَبُ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَهْلِ الذّمّةِ بَعْدَ الْجِزْيَةِ أَيْضًا أَنْ يَسْرِي نَقْضُ الْعَهْدِ فِي وَنِسَائِهِمْ وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ النّاقِضُونَ طَائِفَةً لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنَعَةٌ أَمّا إذَا كَانَ النّاقِضُ وَاحِدًا مِنْ طَائِفَةٍ لَمْ يُوَافِقْهُ بَقِيّتُهُمْ فَهَذَا لَا يَسْرِي النّقْضُ إلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ كَمَا أَنّ مَنْ أَهْدَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دِمَاءَهُمْ مِمّنْ كَانَ يَسُبّهُ لَمْ يَسُبّ نِسَاءَهُمْ وَذُرّيّتَهُمْ فَهَذَا هَدْيُهُ فِي هَذَا وَهُوَ الّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ..جَوَازُ جَعْلِ عِتْقِ الرّجُلِ أَمَتَهُ صَدَاقًا لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَبِلَا شُهُودٍ وَلَا وَلِيّ غَيْرِهِ: وَمِنْهَا: جَوَازُ عِتْقِ الرّجُلِ أَمَتَهُ وَجَعْلِ عِتْقِهَا صَدَاقًا لَهَا وَيَجْعَلُهَا زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا شُهُودٍ وَلَا وَلِيّ غَيْرِهِ وَلَا لَفْظِ إنْكَاحٍ وَلَا تَزْوِيجٍ كَمَا فَعَلَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِصَفِيّةَ وَلَمْ يَقِلْ قَطّ هَذَا خَاصّ بِي وَلَا أَشَارَ إلَى ذَلِك مَعَ عِلْمِهِ بِاقْتِدَاءِ أُمّتِهِ بَهْ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصّحَابَةِ إنّ هَذَا لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ بَلْ رَوَوْا الْقِصّةَ وَنَقَلُوهَا إلَى الْأُمّةِ وَلَمْ يَمْنَعُوهُمْ وَلَا رَسُولُ اللّه صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ وَاللّهُ سُبْحَانَهُ لَمّا خَصّهُ فِي النّكَاحِ بِالْمَوْهُوبَةِ قَالَ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَحْزَابَ 50]؛ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لَهُ مِنْ دُونِ أُمّتِهِ لَكَانَ هَذَا التّخْصِيصُ أَوْلَى بِالذّكْرِ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ مِنْ السّادَاتِ مَعَ إمَائِهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الّتِي تَهَبُ نَفْسَهَا لِلرّجُلِ لِنُدْرَتِهِ وَقِلّتِهِ أَوْ مِثْلُهُ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ وَلَا سِيّمَا وَالْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْأُمّةِ لَهُ وَاقْتِدَاؤُهَا بَهْ فَكَيْفَ يَسْكُتُ عَنْ مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الّذِي لَا يَجُوزُ مَعَ قِيَامِ مُقْتَضَى الْجَوَازِ هَذَا شِبْهُ الْمُحَالِ وَلَمْ تَجْتَمِعْ الْأُمّةُ عَلَى عَدَمِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى إجْمَاعِهِمْ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ. وَالْقِيَاسُ الصّحِيحُ يَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ فَإِنّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا وَمَنْفَعَةَ وَطْئِهَا وَخِدْمَتِهَا فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقّهُ مِنْ مِلْكِ الرّقَبَةِ وَيَسْتَبْقِيَ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ نَوْعًا مِنْهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدِمَهُ مَا عَاشَ فَإِذَا أَخْرَجَ الْمَالِكُ رَقَبَةَ مِلْكِهِ وَاسْتَثْنَى نَوْعًا مِنْ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي عَقْدِ النّكَاحِ وَلَمّا كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تُسْتَبَاحُ إلّا بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَكَانَ إعْتَاقُهَا يُزِيلُ مِلْكَ الْيَمِينِ عَنْهَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِبَاحَةِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ جَعْلُهَا زَوْجَةً وَسَيّدُهَا كَانَ يَلِي شَاءَ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِنْهَا وَلَمّا كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ عَقْدُ النّكَاحِ مَلَكَهُ لِأَنّ بَقَاءَ مِلْكِهِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَتِمّ إلّا بِهِ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ الصّحِيحِ الْمُوَافِقِ لِلسّنَةِ الصّحِيحَةِ وَاَللّهِ أَعْلَمُ..جَوَازُ كَذِبِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إذَا كَانَ يَتَوَصّلُ بِالْكَذِبِ إلَى حَقّهِ مَا لَمْ يَتَضَمّنْ ضَرَرَ ذَلِكَ الْغَيْرِ: وَمِنْهَا: جَوَازُ كَذِبِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَتَضَمّنْ ضَرَرَ ذَلِكَ الْغَيْرِ إذَا كَانَ يَتَوَصّلُ بِالْكَذِبِ إلَى حَقّهِ كَمَا كَذَبَ الْحَجّاجُ بْنُ عِلَاطٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتّى أَخَذَ مَالَهُ مِنْ مَكّةَ مِنْ غَيْرِ مَضَرّةٍ لَحِقَتْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ الْكَذِبِ وَأَمّا مَا نَالَ مَنْ بِمَكّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأَذَى وَالْحُزْنِ فَمَفْسَدَةٌ يَسِيرَةٌ فِي جَنْبِ الْمَصْلَحَةِ الّتِي حَصَلَتْ بِالْكَذِبِ وَلَا سِيّمَا تَكْمِيلُ الْفَرَحِ وَالسّرُورِ وَزِيَادَةُ الْإِيمَانِ الّذِي حَصَلَ بِالْخَبَرِ الصّادِقِ بَعْدَ هَذَا الْكَذِبِ فَكَانَ الْكَذِبُ سَبَبًا فِي حُصُولِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الرّاجِحَةِ وَنَظِيرُ هَذَا الْإِمَامُ وَالْحَاكِمُ يُوهِمُ الْخَصْمَ خِلَافَ الْحَقّ لِيَتَوَصّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِعْلَامِ الْحَقّ كَمَا أَوْهَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِشَق الْوَلَدِ نِصْفَيْنِ حَتّى تَوَصّلَ بِذَلِكَ إلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْأُمّ وَمِنْهَا: جَوَازُ بِنَاءِ الرّجُلِ بِامْرَأَتِهِ فِي السّفَرِ وَرُكُوبِهَا مَعَهُ عَلَى دَابّةٍ بَيْنَ الْجَيْشِ. وَمِنْهَا: أَنّ مَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ بِسُمّ يَقْتُلُ مِثْلُهُ قُتِلَ بِهِ قِصَاصًا كَمَا قُتِلَتْ الْيَهُودِيّةُ بِبِشْرِ بْن الْبَرَاءِ. وَمِنْهَا: جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلّ طَعَامِهِمْ..الِاخْتِلَافُ فِي مُوجِبِ قَتْلِ الْيَهُودِيّةِ: وَمِنْهَا: قَبُولُ هَدِيّةِ الْكَافِرِ. فَإِنْ قِيلَ فَلَعَلّ الْمَرْأَةَ قُتِلَتْ لِنَقْضِ الْعَهْدِ لِحِرَابِهَا بِالسّمّ لَا قِصَاصًا قِيلَ لَوْ كَانَ قَتْلُهَا لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَقُتِلَتْ مِنْ حِينِ أَقَرّتْ أَنّهَا سَمّتْ الشّاةَ وَلَمْ يَتَوَقّفْ قَتْلُهَا عَلَى مَوْتِ الْآكِلِ مِنْهَا. قِيلَ فَهَلّا قُتِلَتْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ؟ قِيلَ هَذَا حَجّةُ مَنْ قَالَ إنّ الْإِمَامَ مُخَيّرٌ فِي نَاقِضِ الْعَهْدِ كَالْأَسِيرِ. فَإِنْ قِيلَ فَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ قَتْلَهُ حَتْمًا كَمَا هُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَإِنّمَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَمَنْ تَبِعَهُ قَالُوا: يُخَيّرُ الْإِمَامُ فِيهِ قِيلَ إنْ كَانَتْ قِصّةُ الشّاةِ قَبْلَ الصّلْحِ فَلَا حُجّةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الصّلْحِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَرَ النّقْضَ بِهِ فَظَاهِرٌ وَمَنْ رَأَى النّقْضَ بِهِ فَهَلْ يَتَحَتّمُ قَتْلُهُ أَوْ يُخَيّرُ فِيهِ أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ بَعْضِ الْأَسْبَابِ النّاقِضَةِ وَبَعْضِهَا فَيَتَحَتّمُ قَتْلُهُ بِسَبَبِ السّبَبِ وَيُخَيّرُ فِيهِ إذَا نَقَضَهُ بِحِرَابِهِ وَلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ نَقَضَهُ بِسِوَاهُمَا كَالْقَتْلِ وَالزّنَى بِالْمُسْلِمَةِ وَالتّجَسّسِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِطْلَاعِ الْعَدُوّ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ؟ فَالْمَنْصُوصُ تَعَيّنُ الْقَتْلِ وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ لَمّا سَمّتْ الشّاةَ صَارَتْ بِذَلِكَ مُحَارِبَةً وَكَانَ قَتْلُهَا مُخَيّرًا فِيهِ فَلَمّا مَاتَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ السّمّ قُتِلَتْ حَتْمًا إمّا قِصَاصًا وَإِمّا لِنَقْضِ الْعَهْدِ بِقَتْلِهَا الْمُسْلِمَ فَهَذَا مُحْتَمَلٌ. وَاللّهُ أَعْلَمُ..هَلْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ عَنْوَةً أَمْ صُلْحًا وَالْأَحْكَامُ الْمُتَرَتّبَةُ عَلَى ذَلِكَ؟ وَاخْتُلِفَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ: هَلْ كَانَ عَنْوَةً أَوْ كَانَ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً؟ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَزَا خَيْبَرَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً فَجُمِعَ السّبْيُ وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: بَلَغَنِي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ وَنَزَلَ مَنْ نَزَلَ مَنْ أَهْلِهَا عَلَى الْجَلَاءِ بَعْدَ الْقِتَالِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ: هَذَا هُوَ الصّحِيحُ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ أَنّهَا كَانَتْ عَنْوَةً كُلّهَا مَغْلُوبًا عَلَيْهَا بِخِلَافِ فَدَكٍ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَسَمَ جَمِيعَ أَرْضِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ لَهَا الْمُوجِفِينَ عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ وَالرّكَابِ وَهُمْ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنّ أَرْضَ خَيْبَرَ مَقْسُومَةٌ وَإِنّمَا اخْتَلَفُوا: هَلْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ إذَا غُنِمَتْ الْبِلَادُ أَوْ تُوقَفُ؟ فَقَالَ الْكُوفِيّونَ: الْإِمَامُ مُخَيّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِأَرْضِ خَيْبَرَ وَمِنْ إيقَافِهَا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ. وَقَالَ الشّافِعِيّ: تُقْسَمُ الْأَرْضُ كُلّهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَيْبَرَ لِأَنّ الْأَرْضَ غَنِيمَةٌ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْكُفّارِ. وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى إيقَافِهَا اتّبَاعًا لِعُمَرَ لِأَنّ الْأَرْضَ مَخْصُوصَةٌ مِنْ سَائِرِ الْغَنِيمَةِ بِمَا فَعَلَ عُمَرُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الصّحَابَةِ مِنْ إيقَافِهَا لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لَوْلَا أَنْ يُتْرَكَ آخِرُ النّاسِ لَا شَيْءَ لَهُمْ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً إلّا قَسَمْتُهَا سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خيبر سهمانا وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّ أَرْضَ خَيْبَرَ قُسِمَتْ كُلّهَا سُهْمَانًا كَمَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ. وَأَمّا مَنْ قَالَ إنّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً فَقَدْ وَهِمَ وَغَلِطَ وَإِنّمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ الشّبْهَةُ بِالْحِصْنَيْنِ اللّذَيْنِ أَسْلَمَهُمَا أَهْلُهُمَا فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ فَلَمّا لَمْ يَكُنْ أَهْلٌ ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ مِنْ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ وَالذّرّيّةِ وَلَعَمْرِي إنّ ذَلِكَ فِي الرّجَالِ وَالنّسَاءِ وَالذّرّيّةِ كَضَرْبٍ مِنْ الصّلْحِ وَلَكِنّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا أَرْضَهُمْ إلّا بِالْحِصَارِ وَالْقِتَالِ فَكَانَ حُكْمُ أَرْضِهِمَا حُكْمَ سَائِرِ أَرْضِ خَيْبَرَ كُلّهَا عَنْوَةً غَنِيمَةً مَقْسُومَةً بَيْنَ أَهْلِهَا. وَرُبّمَا شُبّهَ عَلَى مَنْ قَالَ إنّ نِصْفَ خَيْبَرَ صُلْحٌ وَنِصْفَهَا عَنْوَةٌ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَسَمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ: نِصْفًا لَهُ وَنِصْفًا لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَوْ صَحّ هَذَا لَكَانَ مَعْنَاهُ أَنّ النّصْفَ لَهُ مَعَ سَائِرِ مَنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ النّصْفِ مَعَهُ لِأَنّهَا قُسِمَتْ عَلَى سِتّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا فَوَقَعَ السّهْمُ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَوَقَعَ سَائِرُ النّاسِ فِي بَاقِيهَا وَكُلّهُمْ مِمّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ ثُمّ خَيْبَرَ وَلَيْسَتْ الْحُصُونُ الّتِي أَسْلَمَهَا أَهْلُهَا بَعْدَ الْحِصَارِ وَالْقِتَالِ صُلْحًا وَلَوْ كَانَتْ صُلْحًا لَمَلَكَهَا أَهْلُهَا كَمَا يَمْلِكُ أَهْلُ الصّلْحِ أَرْضَهُمْ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِمْ فَالْحَقّ فِي هَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ إسْحَاقَ دُونَ مَا قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا آخِرُ كَلَامِ أَبِي عُمَرَ. قُلْت: ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا وَالْكُتَيْبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً وَفِيهَا صُلْحٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَالْكُتَيْبَةُ أَرْضُ خَيْبَرَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيّبِ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ عَنْوَةً..فصل الِانْصِرَافُ إلَى وَادِي الْقُرَى: ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ خَيْبَرَ إلَى وَادِي الْقُرَى وَكَانَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ.....قَتْلُ مِدْعَمٍ عَبْدِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَيَانُ أَنّهُ كَانَ غَالّا: الْيَهُودِ وَقَدْ انْضَافَ إلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعَرَبِ فَلَمّا نَزَلُوا اسْتَقْبَلَهُمْ يَهُودُ بِالرّمْيِ وَهُمْ عَلَى غَيْرِ تَعْبِئَةٍ فَقُتِلَ مِدْعَمٌ عَبْدُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ النّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنّةُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَلّا وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنّ الشّمْلَةَ الّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا فَلَمّا سَمِعَ بِذَلِكَ النّاسُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ..فَتْحُ وَادِي الْقُرَى: .مُصَالَحَةُ يَهُودِ تَيْمَاءَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: فَعَبّأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفّهُمْ وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَرَايَةً إلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَرَايَةً إلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَرَايَةً إلَى عَبّادِ بْنِ بِشْرٍ ثُمّ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَبَرَزَ إلَيْهِ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَقَتَلَهُ ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ إلَيْهِ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَتَلَهُ حَتّى قَتَلَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا كُلّمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ دَعَا مَنْ بَقِيَ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ الصّلَاةُ تَحْضُرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيُصَلّي بِأَصْحَابِهِ ثُمّ يَعُودُ فَيَدَعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ فَقَاتَلَهُمْ حَتّى أَمْسَوْا وَغَدَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَرْتَفِعْ الشّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ حَتّى أَعْطَوْا مَا بِأَيْدِيهِمْ وَفَتَحَهَا عَنْوَةً وَغَنّمَهُ اللّهُ أَمْوَالَهُمْ وَأَصَابُوا أَثَاثًا وَمَتَاعًا كَثِيرًا وَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِوَادِي الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيّامٍ وَقَسَمَ مَا أَصَابَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِوَادِي الْقُرَى وَتَرَكَ الْأَرْضَ وَالنّخْلَ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَعَامَلَهُمْ عَلَيْهَا فَلَمّا بَلَغَ يَهُودَ تَيْمَاءَ مَا وَاطَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَوَادِي الْقُرَى صَالَحُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَقَامُوا بِأَمْوَالِهِمْ فَلَمّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ..الرّجُوعُ إلَى الْمَدِينَةِ: وَوَادِي الْقُرَى لِأَنّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشّامِ وَيُرَى أَنّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إلَى الْمَدِينَةِ حِجَازٌ وَأَنّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الشّامِ وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ..نَوْمُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْفَجْرِ: فَلَمّا كَانَ بِبَعْضِ الطّرِيقِ سَارَ لَيْلَهُ حَتّى إذَا كَانَ بِبَعْضِ الطّرِيقِ أَدْرَكَهُمْ الْكَرَى عَرّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ: اكْلَأْ لَنَا اللّيْلَ [فَصَلّى بِلَالٌ مَا قُدّرَ لَهُ وَنَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ] فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتّى ضَرَبَتْهُمْ الشّمْسُ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوّلَهُمْ اسْتِيقَاظًا فَفَزِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ أَيْ بِلَال؟ فَقَالَ أَخَذَ بِنَفْسِي الّذِي أَخَذَ بِنَفْسِك بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللّهِ فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا حَتّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي ثُمّ قَالَ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَلَمّا جَاوَزَهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا وَأَنْ يَتَوَضّئُوا ثُمّ صَلّى سُنّةَ الْفَجْرِ ثُمّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصّلَاةَ وَصَلّى بِالنّاسِ ثُمّ انْصَرَفَ إلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ وَقَالَ يَا أَيّهَا النّاسُ إنّ اللّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدّهَا إلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا ثُمّ فَزِعَ إلَيْهَا فَلْيُصَلّهَا كَمَا كَانَ يُصَلّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إنّ الشّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي فَأَضْجَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُهَدّئُهُ كَمَا يُهَدّأُ الصّبِيّ حَتّى نَامَ ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِلَالًا فَأَخْبَرَهُ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ.
|